ففي ظلّ تفشّي جائحة كوفيد-19، توقّف الاقتصاد العالمي عن العمل، فأصبحت مدننا أماكن أفضل للعيش، وهواءنا أكثر نقاءً، والضجّيج أدنى مستوىً. ولكنّنا دفعنا ثمنًا باهظًا للغاية لقاء راحة البال هذه، من حيث فقدان الدخل والوظائف، وتفاقم القلق والضيق.
وها نحن اليوم نطلق دليلنا هذا، ولا يزال الكثير من البلدان في حالة إقفال بسبب كوفيد-19، أو أنّه في طور الانتقال إلى ما يبدو وكأنّه واقع جديد معقد. فالمستقبل القريب يحمل في طيّاته الكثير من المخاطر والفرص بالنسبة إلى الاتّحاد الدولي للخدمات العامة ونقاباته المنتسبة. ويجب أن نكون على أهب استعداد لمواجهة المخاطر واغتنام الفرص.
علينا أن نخفّض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تتخطّى 7 في المائة سنويًا! ما يعني أنّه لا يمكننا أن نعود إلى ما كنّا عليه قبل تفشّي الوباء
يتوقّع العلماء أن انبعاثات الكربون ستنخفض بنسبة 5 في المائة في العام 2020 مقارنة مع العام 2019، بسبب الوباء الذي أدّى إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي. ولكن، من أجل البقاء ضمن ارتفاع لا يتخطّى 1.5 درجة مئوية بحسب ما حدّدته اتفاقية باريس، علينا أن نخفّض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تتخطّى 7 في المائة سنويًا! ما يعني أنّه لا يمكننا أن نعود إلى ما كنّا عليه قبل تفشّي الوباء. وعلينا أن نتّخذ خطوات صارمة وأن نعيد بناء اقتصاداتنا ومجتمعاتنا.
من شأن هذا الدليل أن يساعد النقابات على إعداد وتنقيح الاستراتيجيات للاستجابة لأزمة المناخ. كما يوفّر عددًا من التمارين، يمكن استخدامها من قبل العمال بمفردهم، أو (من الأفضل) تنفيذها ضمن مجموعات. والنقابات العمالية بحاجة إلى إعداد استراتيجياتها بالتعاون مع مجموعات المجتمع المدني والمسؤولين المنتخبين ومجموعة متنوّعة من الأطراف المعنيّين.
ويمكن العمال والنقابات المبادرة فورًا ومباشرةً إلى العمل في أماكن عملهم، بما أنّه يجب أن تكون جميعها خالية من الكربون ومراعية للبيئة. وسيسعى الاتّحاد الدوليّ للخدمات العامة إلى تعميق التحليلات القطاعية والاستفادة من خبرات النقابات المنتسبة مشاركة إنجازاتها. وقد أطلق الاتّحاد الدوليّ للنقابات العمّاليّة حملة سلّطت الضوء على ضرورة "جعل مكان العمل أكثر اخضرارًا"، وطلَبَ من النقابات الإبلاغ عن الإجراءات المتّخذة لهذه الغاية في 24 حزيران/ يونيو من كلّ سنة. ونشجع النقابات على المشاركة في هذه المبادرة.
لا بدّ لنا من أن نبذل المزيد من الجهود كي نتجنّب أسوأ نتائج أزمة المناخ التي نواجهها. وكلّنا أمل في أن يساهم هذا الدليل في زيادة الوعي وتكثيف العمل. وسينشئ الاتّحاد الدوليّ للخدمات العامة منصة مغلقة مخصّصة لنقاباته المنتسبة كي تشارك عبرها معارفها وخبراتها، وتمكّننا من تنسيق أنشطة المناخ بشكل أفضل.