بعد مرور أكثر من عاميْن على جائحة أودت بحياة ستة ملايين شخص وحملة عالمية تدعو إلى إسقاط حواجز الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية من أجل التعامل مع جائحة كوفيد – 19، خذلت منظمة التجارة العالمية العالم بأسره وخضعت لشركات الأدوية الكبرى "بيغ فارما" في المؤتمر الوزاري الذي اختتم أعماله اليوم في مدينة جنيف السويسرية.
وعوضًا عن تبنّي آلية الإعفاء الشاملة الخاصة باتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن العوامل المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تريبس) التي اقترحتها أكثر من مئة دولة، أقدمت منظمة التجارة العالمية على اعتماد نص زائف، للأسف الشديد، يكاد يقتصر على توضيح القواعد الحالية لاتفاقية تريبس. وقد تم تبنّي النص الأخف حدّة نظرًا إلى انحياز كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا لشركات الأدوية الكبرى وحظر هذه الدول للنص المقترح لمدة عامين تقريبًا.
وفي السنوات الأخيرة، لم تتمكن منظمة التجارة العالمية من الإجماع على أي نتائج، حيث طالبت دول جنوب الكرة الأرضية بالالتزام بأجندة التنمية. تحتفي منظمة التجارة العالمية حاليًا بنص اتفاقية تريبس إذ تعتبر أنه قد تمّ التوصل لهذا الحل الوسط بعد جهدٍ جهيد، وترى أنه سيعيد الحياة إلى مؤسسة محتضرة. والحقيقة هي أن هذه النتيجة، بعد مرور عامين على انتشار الوباء، تثبت أن منظمة التجارة العالمية تشكل عائقًا أمام الصحة العالمية وحقوق العمال والعدالة والتضامن.
إن منظمة التجارة العالمية غير قادرة على الاستجابة لأزمة ما، أو تفضيل الناس والعاملين في الصفوف الأمامية في المجال الصحيّ على الأرباح. لذلك، نضمّ صوتنا إلى صوت ما يقارب الثلاثمائة نقابة ومنظّمة مجتمع مدني، وندين الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لدورها في عرقلة الإعفاء. وندعو الآن الحكومات إلى العمل خارج نطاق منظمة التجارة العالمية لضمان حصول الجميع على اللقاحات والتشخيصات والأدوية اللازمة لإنقاذ الأرواح والقضاء على الوباء.
الرجاء الاطلاع على البيان المشترك المرفق أدناه.
لبيان المشترك
على الحكومات كسر القبضة الخانقة لشركات الأدوية الكبرى ومنظمة التجارة العالمية لإمكانية الحصول على الأدوية من خلال اتخاذ إجراءات فورية وإعطاء الأولوية لحياة الإنسان على حساب الاحتكارات الدوائية
بعد مرور أكثر من عاميْن على جائحة أودت بحياة 15 مليون شخص، تظل حواجز الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية - بشكل مخجل - عقبة قاتلة تحد من حصول العالم على لقاحات واختبارات وعلاجات كوفيد-19. تمكّن عدد قليل من الدول الثرية التي تروّج لمصالح شركات الأدوية من منع استخدام آلية الإعفاء الخاصة بمنظمة التجارة العالمية لتعليق هذه الحواجز مؤقتًا، على الرغم من دعم أكثر من 100 دولة عضو في منظمة التجارة العالمية لهذا الإعفاء. وبدلاً من ذلك، تم استخدام آليات منظمة التجارة العالمية القمعية والإقصائية لفرض نص زائف لن يحسّن فرصة حصول العالم على أدوية كوفيد-19 نظرًا لعجزه عن إزالة عقبات الملكيّة الفكريّة، بل على العكس قام بإضافة قيودً مشينة على النصوص المرنة لمنظمة التجارة العالمية والتي تساعد في إنتاج الأدوية. ويؤكد هذا الموقف الفظيع أنه يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات فورية للالتفاف على إيلاء منظمة التجارة العالمية الأولوية للاحتكارات الدوائية على حساب الأرواح البشرية.
من خلال العمل لتحقيق مصالح الشركات الدوائية ومنع منظمة التجارة العالمية من إزالة حواجز الملكية الفكرية (IP) أمام حصول دول العالم على اللقاحات والاختبارات والعلاج، فإن الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة قد خانوا مليارات الأشخاص، في جميع أنحاء العالم، لا يزالون بأمس الحاجة إلى الحصول على اللقاحات المنقذة للحياة والأدوية ووسائل التشخيص. وتكون الولايات المتحدة قد أدارت ظهرها لكوكب يتطلع بشكل يائس لإنهاء جائحة كوفيد-19 إثر فشلها في تقديم الإعفاء عن اللقاح الذي أعلنت عن دعمها له، وعملها لمنع إدراج العلاجات والاختبارات في هذا الإعفاء.
تجدر الإشارة إلى أن عدم التنازل مؤقتًا عن اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن العوامل المتصلة بالتجارة لحقوق الملكية الفكرية (تريبس)، وبالتالي تجاهل ما طالبت به الغالبية العظمى من دول العالم وخبراء الصحة العامة والعاملين في مجال الصحة ومصّنعي الأدوية العامة والمدافعين عن حقوق الإنسان والزعماء الدينيين، والنقابات العمالية، والجمعيات المحلية، والعشرات من الحائزين على جائزة نوبل ورؤساء الدول السابقين، وحتى البابا، يسلّط الضوء على مدى الانهيار والانعزالية الخطرة التي تعيشها منظمة التجارة العالمية.
للا يمكن أن تكون الاحتياجات الصحية خاضعة لاعتبارات تحقيق أرباح شركات الأدوية الكبرى. واستجابة للفشل المستمر في اعتماد إعفاء مؤقت من التزامات الملكية الفكرية الخاصة بالتدابير الطبية المضادة لفيروس كورونا والتي تحتكرها الشركات الدوائية، تدعو منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم الحكومات إلى ما يلي:
1 - التعهد بعدم استخدام آليات المنازعات الخاصة بمنظمة التجارة العالمية واتفاقات التجارة والاستثمار الأخرى أو غيرها من الوسائل في محاولة لمنع البلدان أو ثنيها عن إنتاج أو توزيع أو استخدام التكنولوجيات الطبية أو عدم تبادل المعلومات حول كيفية القيام بذلك بغض النظر عن قواعد الملكية الفكرية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية أو اتفاقيات التجارة الحرة.
2 - اتخاذ كل خطوة ضرورية لإنقاذ الأرواح وإنهاء الوباء، بما في ذلك عن طريق الاستخدام الكامل لقواعد منظمة التجارة العالمية المرنة القائمة حالياً، حتى وإن كانت محدودة.
3. الالتفاف على قواعد احتكار المستحضرات الدوائية لمنظمة التجارة العالمية عندما يكون ذلك ممكنًا، والتحدي الكامل لتلك القواعد عند الحاجة.
تتزامن هذه الدعوة الموحّدة مع اختتام منظمة التجارة العالمية لأهم اجتماع لها لاتخاذ قرار منذ بدء جائحة كوفيد-19 - المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية – من دون الموافقة على الإزالة المؤقتة لقواعد الملكيّة الفكريّة الخاصة بمنظمة التجارة العالمية والتي تقيد إنتاج وتوريد لقاحات كوفيد-19 والوسائل التشخيصية والعلاجية.
على مدى 20 شهرًا تقريبًا، سُمح لعناد وتسلط عدد قليل من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، وهي الدول القوية جدًا من الناحية الاقتصادية، بالتغلب على رغبات أكثر من 100 دولة راغبة في الإعفاء من عقبات اتفاقية تريبس لمنظمة التجارة العالمية أمام حصول العالم على الوسائل الطبية المضادة لفيروس كورونا. حظي نص الإعفاء من اتفاقية التريبس، والذي اقترحته جنوب إفريقيا والهند في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، على رعاية مشتركة من 65 دولة عضو في منظمة التجارة العالمية، ولكن - بصورة مشينة - لم يُسمح أبدًا بإجراء مفاوضات بشأن هذا النص. وفي إطار المناورات غير المقبولة لمنظمة التجارة العالمية، تم دفع نص مكتوب من قبل أمانة منظمة التجارة العالمية ومدعومًا فقط من قبل مانع التنازل الرئيسي، وهو الاتحاد الأوروبي، إلى الواجهة ليتم تمريره من خلال المؤتمر الوزاري للمنظمة، مما سيؤدي إلى الفشل المتوقع في إصدار أي اتفاق بشأن إزالة حواجز الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية. سيسجل التاريخ بشكل صارم مساهمة منظمة التجارة العالمية في ممارسات تعزز الفصل العنصري فيما يخصّ لقاح فيروس كورونا وعلاجه ووسائله التشخيصية.
للم يبدأ تهديد منظمة التجارة العالمية لحصول العالم على الأدوية مع وباء كوفيد-19. فلعقود من الزمان، رفضت منظمة التجارة العالمية بصورة مطردة وضع الأولويات العالمية المشتركة مثل إنقاذ الأرواح وإنهاء الأوبئة قبل تحقيق الأرباح ومصالح الشركات الاحتكارية الدوائية الساعية للنفوذ. كان هذا واضحًا في مطلع القرن خلال ذروة أزمة فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، ولم يصبح أكثر وضوحًا إلا مع تقاعس منظمة التجارة العالمية غير المقبول خلال أزمة فيروس كورونا اليوم.
في الواقع، لقد ساهمت قواعد الملكية الفكرية المفرطة لمنظمة التجارة العالمية في إطالة أمد الوباء الحالي، وإذا لم تتمكن البلدان من التخلص من هذه القواعد فسوف تستمر في المساهمة في إحداث أضرار جسيمة صحية واقتصادية واجتماعية أثناء الأوبئة في المستقبل أيضًا. والأوبئة ليست هي الشاغل الوحيد. يفتقر مليارات الأشخاص إلى الوصول إلى الأدوية المنقذة للحياة التي تمنع الأمراض وتعالجها وتشفيها، وذلك لأن أنظمة الملكية الفكرية تشوه أولويات البحث، وتؤدي إلى الندرة من خلال تقييد الإمدادات بشكل مصطنع، وتسمح بالتسعير المغالى فيه، والتوزيع غير العادل الذي يؤثر على الفقراء والأشخاص الذين يعيشون في البلدان المنخفضة الدخل. تتعرض البلدان التي لا تقبل هذه القواعد لتهديدات وتداعيات تجارية، مما يقوّض ممارساتها السيادية. هذا لا يمكن أن يستمر.
يجب ألا يسمح العالم بإعادة ممارسات الفصل العنصري القاتلة الخاصة بلقاح كوفيد-19 والذي اتسمت به عمليات تصنيع وتوزيع الجيل الأول من اللقاح، وذلك عندما يتعلق الأمر بوسائل تشخيص وعلاج (كوفيد-19) ولقاحات الجيل الثاني. مع فشل العملية الجارية في منظمة التجارة العالمية في تعليق قواعد منظمة التجارة العالمية للملكية الفكرية لمنع هذا الظلم المستمر والكارثي، يجب على الحكومات التي هي أيضًا دول أعضاء في منظمة التجارة العالمية أن تتصرف بحسن نية خارج قيود منظمة التجارة العالمية.انقر هنا للوصول إلى البيان مع قائمة الموقعين.
انقر هنا للوصول إلى البيان مع قائمة الموقعين.